في كتاب التفكير المستقيم والتفكير الأعوج لروبرت تاولس يعقد فصلا كاملا لدور العبارات البلاغية المنمقة في تزييف الوعي ، وتضليل العقل وخداع المخاطب على الصعيدين الفردي والجماعي ..
من وجه آخر يذكرنا شعار الخوارج يوم أعلنوا عبارتهم البراقة الجميلة في وجه الإمام علي رضي الله عنه : لا حكم إلا لله .برده عليهم كلمة حق أريد بها باطل ..
وفي كتاب التلخيص في علم البلاغة يقول القزويني مؤلف الكتاب : من أنشد على الحقيقة قول الشاعر :
أشاب الصغير وأفنى الكبير … مرّ الغداة وكرّ العشي
فقد كفر . ومن أنشده على المجاز فهو مؤمن .
وتقول العرب : حفر الأمير البئر . وعبّد الطريق . ولا يقصدون أنه باشر ذلك بنفسه وإنما أمر بحفر البئر وتعبيد الطريق . نقول في علم البلاغة إنه مجاز علاقته السببية ..
بعد كل هذا نتساءل أي معنى حقيقي يبقى لقول وزير الخارجية الفرنسية : إن بشار الأسد لن يحضر مؤتمر جنيف !! مع أننا أنا وأنت وأنتم وأنتن وهو وهي وهم وهن كلنا وكلهم يعلمون أن الوفد الذي سيحضر إلى جنيف سيتم تشكيله من قبل بشار الأسد نفسه . وأن صلاحية عمال تعبيد الطرق أكبر من صلاحية وفد بشار إلى جنيف فيما لو أمر بتعبيد بعض الطرق في القرداحة مثلا ..
وبالتوازي حين يعلن فريق معارض بصوت جهوري حاد : لن نتفاوض مع الذين تلطخت أيديهم بالدماء …!!!!!!!!!!!!!
فإن كانوا يريدون حقيقة الحقيقة فإن بشار الأسد لم تقع على يده قطرة دم واحدة ، ولا تلك التي تحدث عنها واعترف بها مما يقع عادة على يد الجراح . وإن كانوا يريدون حقيقة المجاز فإن أيدي بشار الأسد ومحازبيه متلطخة بكل الدماء التي سفكت على الأرض السورية . وبالتبعية فإن هذه الدماء بأيدي كل موظفي بشار وتابعيه الذين سيجلسون أمام المعارضين على كراسي جنيف .
إن الغاية من إقرار هذه الحقائق هي المطالبة بالتوقف عن سياسات الترويج والتدليس والتزييف . إذا كان هناك من يرى مصلحة للوطن والثورة من الجلوس مع بشار الأسد ومحازبيه وممثليه فعليهم أن يعترفوا بذلك وأن يواجهوه وأن يتحملوا مسئوليته بشجاعة وصدق ومباشرة وإن كانت الأخرى فعليهم أن يبحثوا للذين ائتمنوهم على قرارهم عن بديل ..
إن الوقت والجهد اللذان صرفا ويصرفان حتى الآن على التخذيل والتمويه والخداع والتضليل أكبر من أن يحتمله ضمير حر .
بشار الأسد القاتل المبير ومحازبوه الذين قتلوا ويقتلون ودمروا ويدمرون هم شركاؤكم في 22 كانون الثاني في جنيف . والمطلوب منكم في جنيف هذا إعطاؤهم الشرعية لحكم سورية من جديد . نحن نعلم وأنتم تعلمون أن المعاذير والموجبات والاستحقاقات كثيرة . إن الذين قتلهم بشار لا يهمون الداعين إلى المؤتمر في قليل ولا كثير . وأنتم ….. كل الذي نريده منكم ألا تكذبوا علينا وألا تكذبوا على أنفسكم أيضا ..